ترند ريل
رئيس مجلس الإدارة
نور العاشق

السينما المغربية تتألق في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي 2025

اسماء المدير
اسماء المدير

في لحظة فارقة بتاريخ مهرجان البندقية السينمائي، حظيت السينما المغربية بتكريم غير مسبوق، حيث تم اختيار المملكة كـ”دولة مميزة” ضمن فعاليات الدورة الـ82 للمهرجان العريق، والتي أقيمت في أغسطس من هذا العام. 

وبهذا التتويج، تصبح المغرب أول دولة عربية تنال هذا التقدير الرفيع، في خطوة تعكس مكانته المتنامية على خارطة السينما العالمية.

ويأتي هذا التكريم ضمن منصة “جسر البندقية للإنتاج”، التي تحتفي سنويًا بتجارب سينمائية متميزة من دول مختلفة، مما يكرّس المغرب ليس كضيف بل كمحور لرؤية سينمائية متفردة، جريئة، وذات طابع أصيل يعكس تعقيدات الهوية المغربية.

وقد رأى كثيرون أن هذا التقدير تأخر كثيرًا، في ظل المسار التصاعدي الذي خطته السينما المغربية خلال العقد الأخير، دون أن تسعى لمجاراة النماذج الغربية، بل من خلال استكشاف التناقضات المحلية التي تمزج بين الريف والحضر، الحداثة والتقاليد، الإيمان والتجريب.

ومن أبرز الأسماء التي ساهمت في ترسيخ هذا الحضور اللافت، المخرجة أسماء المدير، التي نالت جائزة أفضل إخراج في قسم “نظرة ما” بمهرجان كان 2023 عن فيلمها “أم الأكاذيب”، بالإضافة إلى المخرج فوزي بن سعيدي الذي يقدّم أعمالاً تستلهم من المسرح وواقع الشارع في آنٍ معًا. كما برزت كل من صوفيا علوي (Animalia) وليلى كيلاني (On the Edge) بتناولهم لقضايا النوع الاجتماعي والطبقات والهويات من خلال أدوات سينمائية بصرية وتجريبية جريئة.

ولا تندرج هذه الأعمال ضمن خانة “السينما الإقليمية”، بل تطرح خطابًا عالميًا من منظور مغربي خاص، يحتفي بالتنوع والاختلاف دون الانزلاق نحو التبسيط أو التنميط.

إن خصوصية التجربة المغربية تكمن في وعيها بتعدديتها: فهي لا تقدّم رؤية واحدة، بل تحتضن تعقيدات التاريخ الاستعماري، وجدلية التقاليد والحداثة، وجماليات الريف المتناقضة مع صخب المدن الكبرى مثل الدار البيضاء.

 إنها سينما لا تبحث عن الراحة، بل تؤمن بأن الصدق الفني يكمن في إظهار التباين، لا إخفائه.

وفي وقت تُعيد فيه المؤسسات الثقافية الدولية حساباتها بشأن مفاهيم التمثيل والتنوع، يشكل تسليط الضوء على السينما المغربية في مهرجان البندقية لحظة مفصلية، ليس فقط كلفتة رمزية، بل كاعتراف صريح بأن العالم العربي ليس مجرد سوق نامية، بل فاعل أساسي في المشهد السينمائي العالمي.

هذا التكريم يفتح أبوابًا جديدة أمام جيل كامل من صناع السينما المغاربة الشباب، ويوفّر لهم منصة طال انتظارها للعرض والحوار. أما الجمهور العالمي، فقد وجد دعوة صريحة لمشاهدة السينما المغربية بتمعن، وبنظرة تتجاوز الفضول العابر، نحو فهم أعمق لهويتها وتعددها.

هكذا، لا يحل المغرب على البندقية كـ”زائر”، بل كمضيف له رؤيته، وصوته، ورسالته السينمائية الخاصة التي باتت اليوم، أكثر من أي وقت مضى، جديرة بالإنصات. 

تم نسخ الرابط