أسبوع الموضة في باريس: ستيفان رولان يحوّل منصّة الهوت كوتور إلى سيمفونية من الأناقة والفن

في ليلة آسرة على خشبة مسرح الشانزليزيه الباريسي العريق، قدّم المصمم الفرنسي الشهير ستيفان رولان (Stéphane Rolland) عرضه المرتقب ضمن أسبوع الموضة في باريس لموسم خريف وشتاء 2025-2026، في تجربة وصفها بأنها "الأكثر طموحاً من الناحية التقنية والفنية" في مسيرته. استلهم رولان عرضه من لقاء متخيل بين الموسيقار الفرنسي موريس رافيل وراقصة الباليه الروسية إيدا روبنشتاين، حيث جسّد على المنصة مزيجاً شاعرياً من الحداثة والانفعال الإسباني الساحر.

خيال موسيقي في قالب بصري
جاءت المجموعة انعكاساً للتوتر الإبداعي بين انضباط رافيل الإيقاعي وحلم روبنشتاين الاستعراضي، فجمعت التصاميم بين الصرامة الصناعية والرومانسية الحالمة، لتقدّم إسبانيا كرمز خيالي مفعم بالأسطورة والتقنية المستقبلية.

أزياء كالمقطوعات الموسيقية
كل إطلالة بدت كأنها قطعة موسيقية متكاملة: فساتين سوداء راقية مصنوعة من الكريب والساتان والشيفون، سترات توكسيدو بياقات ضخمة، جامبسوتات منحنية، ومعاطف مصارعي الثيران المزخرفة بتفاصيل معمارية دقيقة. اللون الأسود هيمن على التشكيلة، في حين برز الأحمر في لحظات مدروسة، كـ"سينكوبات" موسيقية تترجم شغف الباسيون الإسباني، في تحية ضمنية إلى "بوليرو" رافيل.

الفخامة في أدق التفاصيل
ازدانت الفساتين بتطريزات دقيقة من المرجان والكريستال، وانسابت الأهداب والخرز البراق على الأقمشة بأناقة. استوحيت الكابات من الساموراي الياباني، فيما اتخذت التنانير وأجنحة الحرير هيئة أزهار مشعة. ظهرت لمسات ذهبية لافتة من خلال بروشات مرصعة بالألماس وعقود وميداليات تألقت كتمائم فنية.
المسرح يلتقي الموسيقى والأزياء
بدأ العرض بصمت درامي، لم يسمع فيه سوى أصوات آلات الخياطة والمترونومات، قبل أن تُفتَح الستارة عن أوركسترا "ديفرتيمنتو" بقيادة المايسترو زاهية زيواي. توالت التصاميم بتصاعد متناغم مع إيقاع البوليرو، حتى بلغت ذروتها مع نهاية العرض، حيث بدت الأزياء وكأنها تتفتح على خشبة المسرح في انسجام تام مع الموسيقى.

لقاء الثقافات في رؤية مستقبلية
استخدم رولان رموزاً من الثقافتين الإسبانية واليابانية ضمن بنية تصميم مستقبلية. ظهرت تأثيرات مصارعة الثيران، وقصات هندسية دقيقة، إلى جانب قبعات وتصفيفات شعر مستوحاة من النوتات الموسيقية، لتكوّن معاً مشهداً بصرياً قوياً ومتجانساً. اقتصرت لوحة الألوان على: الأسود، الأحمر، الأبيض والذهبي، مما زاد من عمق الدراما على المنصة.
ختام عرض يُحاكي ذروة سيمفونية
مع تصاعد الموسيقى نحو ذروتها، اتسعت التصاميم وتفتحت كزهور ذهبية، في تجسيد بصري مثالي لقمة الإبداع. ورغم تعقيد الحياكة وغنى التفاصيل، حافظت المجموعة على توازنها واتساقها، حيث جاءت كل درزة وكل حركة في تناغم مع إيقاع العرض.
ستيفان رولان يعزف سيمفونية الأزياء
في هذا العرض، لم يكتفِ رولان بإعادة تعريف مفهوم الهوت كوتور، بل قدّمه كعمل فني متكامل ينبض بالإحساس، حيث اندمج القماش بالموسيقى، والخيال بالحرفة، والتاريخ بالمستقبل. كانت مجموعة خريف وشتاء 2025-2026 أقرب إلى سيمفونية أزياء حيّة، تؤكد أن الموضة الراقية يمكن أن تكون فناً خالدًا، لا يُنسى.