"العصيدة" و "موكب الشموع".. إليك طقوس الاحتفال بالمولد النبوي في العالم العربي

يُعد المولد النبوي الشريف من المناسبات التي تحظى باهتمام واسع في مختلف دول العالم العربي، حيث تتنوع مظاهر الاحتفال بين الدول، ولكن تتفق على إحياء ذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم وتأكيد المحبة والتقدير لشخصه الكريم.
تتنوع أشكال الاحتفال بين إقامة الفعاليات الدينية، والموائد، وتوزيع الحلويات الخاصة بالمناسبة، وإنارة المساجد والشوارع، وفيما يلي يأخذكم "ترند ريل" في جوله للتعرف على طرق الاحتفال بالمولد النبوي حول العالم العربي.
الإمارات: الاحتفالات الرسمية والتراثية
في الإمارات، تُقام احتفالات رسمية بتنظيم الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، تشمل قراءة القرآن وإلقاء المحاضرات الدينية التي تستعرض سيرة النبي محمد وأخلاقه.
تتزين المساجد والشوارع بالإضاءات والزينة، وتُقام حلقات الذكر والابتهال، بالإضافة إلى "المالد" وهو إنشاد ديني تقليدي يعكس التراث الثقافي الإماراتي، ويُعزز الروابط الاجتماعية.
المغرب.. موكب الشموع وكرنفال دور الشمع
في المغرب، تبدأ الاحتفالات بفعاليات دينية تشمل تلاوة آيات من القرآن الكريم وإنشاد القصائد النبوية المشهورة مثل "البردة" و"الهمزية" و"المنفرجة"، إحياءً لذكرى النبي محمد ﷺ، مع التأكيد على صفاته الطيبة. وفي صباح 12 ربيع الأول، تشهد العديد من المدن والقرى المغربية انطلاق الاحتفالات التي تتضمن مواكب الشموع المزينة بالأهازيج والطقوس التقليدية.
تتميز مدينة سلا بغرب المغرب بموكب الشموع السنوي، الذي يُعد كرنفالاً فنياً ودينياً يستمر لمدة أسبوع، حيث يحمل المشاركون شموعًا على هياكل مزخرفة ويرافقهم الموسيقى الأندلسية.
كما يحرص المغاربة على تعزيز الروابط الأسرية من خلال صلة الرحم وتبادل التهاني والتبريكات، ويرددون الصلاة على النبي، ويتقاسمون الحلويات مع الجيران، مع تقديم "العيدية" للأطفال الذين يفرحون بملابسهم الجديدة ويقفزون بسعادة.
يرتدي المغاربة ملابس جديدة ويحتفلون بختان الأطفال، ويتناولون مأكولات تقليدية مثل العصيدة والكسكس.
اقرأ أيضًا: أصل عروسة المولد.. من العصر الفاطمي إلى رمز للاحتفال بالمولد النبوي الشريف

تونس.. عصيدة الزقوقو واحتفالات القيروان
تتميز تونس باحتفالاتها بمدينة القيروان التاريخية التي تستقطب زوارًا من مختلف المناطق. يُقام احتفال رسمي بجامع عقبة بن نافع، حيث تُتلى آيات القرآن، وتُعقد مسابقات دينية، وتُوزع الشهادات على حفظة القرآن.
وتكتسي المساجد والزوايا في تونس حُلة من النور، وتُقام السهرات الدينية التي يُتلى فيها القرآن الكريم وتُستحضر السيرة النبوية العطرة. وتصدح المجالس بالمدائح والأناشيد المعبرة عن محبة النبي محمد ﷺ، حيث تمتد هذه الأجواء الروحانية حتى ساعات متأخرة من الليل، لا سيما في مدينة القيروان التي تحتضن أبرز وأكبر الفعاليات على مستوى البلاد.
وتشتهر تونس بتحضير "عصيدة الزقوقو" المصنوعة من حبات الصنوبر المحلاة، والتي تُقدم في المناسبات الدينية، وتُطهى حبوب الزقوقو وتُمزج مع الدقيق والسكر، وتُزيَّن بالفواكه الجافة والمكسّرات مثل الفستق والبندق واللوز، إلى جانب الكريمة.
وتتنوع أصناف العصيدة بحسب الجهة والعادات، مثل العصيدة البيضاء، عصيدة الفستق، وعصيدة البوفريوة (كستناء الماء).
وفي بعض المدن، تُنظَّم مواكب تقليدية يشارك فيها الأطفال حاملين الشموع والأنوار في مشهد بهيج.
العراق.. احتفالات الأعظمية والتقاليد الصوفية
في العراق، يحتفل المئات في جامع الإمام أبي حنيفة في بغداد بإقامة مجالس الذكر والابتهالات الدينية، بينما تتزين الشوارع بالأعلام والورود والشموع.
يمتد الاحتفال لأسبوع كامل يتخلله توزيع الصدقات، وإقامة حفلات الزواج الجماعي، وخضب اليدين بالحناء، بالإضافة إلى تقديم الحلويات الشعبية وأبرزها الزردة وهي واحدة من أبرز الحلويات التقليدية في الثقافة العراقية. تتكوّن هذه الحلوى من الأرز والسكر وماء الورد والزعفران والهيل، وتُزيَّن أحيانًا بالقرفة أو المكسرات.
اقرأ أيضًا: حلاوة المولد.. كيف تحولت من تقليد فاطمي لمظهر للاحتفال بالمولد النبوي الشريف؟

ليبيا.. القناديل والزغاريد
تُعرف ليبيا بطقوسها المميزة، حيث يحمل الأطفال والشباب القناديل في الساحات ويحيطون بمشاعل النار مرددين الأناشيد الدينية، بينما تستقبل ربات البيوت الاحتفالات بالزغاريد ورش ماء الورد، وتستمر الفعاليات لمدة سبعة أيام.
وتحرص العائلات الليبية على إعداد "العصيدة" في صباح يوم المولد، وهي من أبرز التقاليد المرتبطة بهذه المناسبة.
كما يشهد الاحتفال بالمولد النبوي في ليبيا طقوسًا شبيهة بأجواء عيدي الفطر والأضحى، حيث يحرص المواطنون على ارتداء ملابس جديدة، وقص الشعر، وتبادل الهدايا، خصوصًا للأطفال.
ومن أبرز رموز المناسبة "الخميسة"، وهي مجسم يدوي يشبه شجرة الميلاد، يُصنع من هيكل خشبي ويُزين بالورود والشموع، وتُوضع في أعلاه شمعدان على هيئة يد مفتوحة، تعبيرًا عن الفرح والبركة
السعودية.. الاحتفالات الروحانية في الحرمين الشريفين
في السعودية، تتركز مظاهر الاحتفال بالمولد النبوي على الجانب الديني والروحاني، حيث تُقام جلسات تلاوة القرآن والأدعية في الحرمين الشريفين.
كما يتم إضاءة برج الساعة في مكة بأضواء مميزة امتدت لمسافة حوالي 10 كيلومترات، في تعبير رمزي عن فرحة الأمة بهذه الذكرى.
يحرص البعض على إقامة موائد طعام وتوزيع حلوى المولد على المحتاجين.

بلاد الشام: مجالس الذكر وحلوى المشبك
في سوريا، لبنان، الأردن، وفلسطين، تُقام مجالس الذكر وتلاوة القرآن مع توزيع الحلويات مثل المشبك والكنافة.
في مدينة نابلس، تزين الشوارع بالأعلام والبالونات وتنتشر المواكب التي تردد الأناشيد الدينية.
تشتهر بلاد الشام أيضًا بعادة "تبييض اليوم"، حيث تُعد أطباق خاصة باللبن مثل الشاكرية.
