في ذكرى رحيله.. إسماعيل عبد الحافظ صانع الدراما الواقعية من "ليالي الحلمية" إلى "امرأة من زمن الحب"

تحل اليوم ذكرى رحيل المخرج الكبير إسماعيل عبد الحافظ، أحد أبرز صناع الدراما المصرية والعربية، الذي ترك بصمة لا تُمحى في وجدان المشاهد، وصنع تاريخًا فنيًا ممتدًا من خلال أعمال جسّدت حياة المصريين بمختلف طبقاتهم ومعاناتهم وأحلامهم.

وُلد عبد الحافظ في 15 مارس 1941 بقرية الخادمية بمحافظة كفر الشيخ، وتخرج في كلية الآداب بجامعة عين شمس قسم اللغات شرقية، ورغم تفوقه العلمي وفرصة عمله معيدًا بالجامعة، إلا أن شغفه بالفن دفعه للانضمام إلى التليفزيون المصري، حيث بدأ مشواره مساعدًا في مراقبة الأطفال ثم مراقبة المسلسلات، قبل أن يحقق حلمه بالعمل كمخرج.
تميز مشواره الفني بقدرته على ترجمة الواقع المصري إلى شاشة التلفزيون بصدق وجرأة، فقدم أعمالًا أصبحت علامات فارقة في تاريخ الدراما. وقد شكّل ثنائيًا فنيًا لا يُنسى مع الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة، فنتج عن هذا التعاون روائع خالدة مثل "الشهد والدموع"، "ليالي الحلمية"، "الوسية"، و"أهالينا"، وهي أعمال لم تكتفِ بالترفيه وإنما حفرت في ذاكرة الناس صورًا عميقة عن المجتمع المصري في مراحله المختلفة.
لم يقتصر إبداعه على تلك الأعمال فحسب، بل قدّم أيضًا مسلسلات بارزة مثل ""خالتي صفية والدير"، "حدائق الشيطان"، "الجمهورية زفتى"، و"امرأة من زمن الحب"، وجميعها أكدت أن عبد الحافظ كان مخرجًا يعرف كيف يُمسك بخيوط الحكاية، وكيف ينقلها للمشاهدين ببساطة وواقعية دون تكلّف.
كان عبد الحافظ مهتمًا بالدراما الإنسانية، حيث سلط الضوء على قضايا المجتمع، وأبرز معاناة الطبقة الوسطى والطبقات البسيطة، وجعل من شخصياته مرآة لوجدان الناس. لذلك أطلق عليه النقاد والجمهور لقب "مخرج الشعب"، لأنه أعاد للتلفزيون دوره الحقيقي كمنبر يعكس حياة المصريين.
رحل إسماعيل عبد الحافظ عن عالمنا في 13 سبتمبر 2012 بفرنسا، بعد صراع قصير مع المرض، ودُفن في مسقط رأسه بكفر الشيخ. وبرحيله فقد الوسط الفني أحد أهم رواده، لكنه ترك إرثًا فنيًا خالدًا لا يزال يُعرض حتى اليوم، ولا تزال أعماله تحظى بمتابعة واهتمام الأجيال الجديدة، التي تجد فيها متعة فنية ودرسًا في كيفية تحويل الدراما إلى فن راقٍ يعبّر عن الناس.