اليوم الرابع من مهرجان البحر الأحمر السينمائي 2025 يزدان بعروض أولى وجلسات حوارية تؤكد دوره في تعزيز التبادل الثقافي بين الشرق والغرب
يواصل مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي في يومه الرابع استقطاب نخبة من ألمع نجوم العالم والمنطقة، احتفاءً بالسرديات الملهمة التي ترسم معالم مستقبلٍ واعدٍ لصناعة الأفلام. ويسهم برنامج المهرجان القوي لهذا العام، من خلال الأفلام المشاركة فيه من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والعالم، في ترسيخ مكانته المتنامية كمنصّة عالمية رائدة تسهم في مدّ جسور التبادل الثقافي بين الشرق والغرب.

وشهد هذا اليوم من المهرجان عددًا من العروض الأولى للأفلام المشاركة في دورة هذا العام، حيث افتُتحت السجادة الحمراء في ميدان الثقافة في البلد مع السينما السعودية الجديدة للأفلام الطويلة من خلال العرض الأول لفيلم "نور" للمخرج عمر المقرّي، الذي يروي قصّة محمّد نور الذي انطلق من بدايات متواضعة في مكّة ليصبح أحد أشهر لاعبي كرة القدم في المملكة العربيّة السّعودية. كما شهدت السجادة الحمراء عروض فيلمي "رأيت رسم الرمال" للمخرج عبدالله الحمدي، والذي تتداخل فيه حدود الواقع والخيال لتصوير الفنّ كحالة حياة يرى فيها الإنسان نفسه في رسم يتكوّن ثم يتلاشى بسرعة، وفيلم "دوائر الحياة" للمخرج خالد الدسيماني، والذي يعيد قراءة المشهد الفني السعودي عبر تقديم الفنّ كحالة حيّة من البحث المستمرّ والتداخل بين الذاكرة والحلم، وذلك بالإضافة إلى باقة مميّزة من السينما السعودية الجديدة للأفلام القصيرة.
وفي إطار مسابقة البحر الأحمر للأفلام الطويلة، شهدت السجادة الحمراء العرض الأول لفيلم "تراك ماما" للمخرجة الكينية زيبورا نياروري، والذي تدور أحداثه حول أمّ تقود شاحنة في كينيا وتواجه تحديات الطرق الخطيرة لتأمين لقمة العيش لعائلتها، وفيلم "بارني" للمخرج الصومالي محمد شيخ، والذي يروي القصّة المؤثّرة لفتاة في التّاسعة من عمرها تختفي بعد احتفال زفاف في قرية صوماليّة هادئة، وفيلم "يونان" للمخرج السوري أمير فخر الدين، والذي يروي قصّة الشاب منير الذي يهرب إلى جزيرة نائية لاتخاذ قرار مصيري على صعيد حياته الشخصية مواجهًا الاغتراب وأحلامه المندثرة.
بالإضافة إلى ما سبق، شهدت السجادة الحمراء العرض الأول لفيلم "المجهولة" للمخرجة السعودية هيفاء المنصور، الذي تدور أحداثه حول نوال المطلّقة في التاسعة والعشرين من عمرها وعودتها إلى مسقط رأسها بحثًا عن بداية جديدة، وفيلم " أومراو جان" الكلاسيكي لعام 1981 والمرمّم للمخرج الهندي مظفّر علي، والذي يسلّط الضوء على قصة مُغنية وراقصة وشاعرة محلية وتجربتها الشخصية مع الشهرة والتألق. ويُعدّ هذا الفيلم من أبرز الأعمال التي تركت بصمتها الملحوظة في السينما الهندية، بما يؤكد التزام المهرجان الراسخ بتقديم أبعاد ثقافية مختلفة تعكس الحوار السينمائي الغني ضمن مشهد السينما اليوم.
أما على مستوى الجلسات الحوارية الملهمة، فقد استضاف المهرجان اليوم كوكبة من النجوم وروّاد صناعة الأفلام من كافة أنحاء العالم العربي والعالم، ومن بينهم المخرج الأمريكي الشهير شون بيكر، رئيس لجنة تحكيم مسابقة البحر الأحمر للأفلام الطويلة والذي يُعدّ من أبرز روّاد السينما المستقلّة العالمية، والمخرجة اللبنانية العالمية نادين لبكي المرشّحة لجائزة الأوسكار والممثلة المصرية الشهيرة مي عمر. وتُعدّ هذه الجلسات فرصة استثنائية لرؤية عدد من الشخصيات الأكثر تأثيرًا في عالم صناعة الأفلام والاستماع إلى تجاربهم المهنية والشخصية وأبرز محطات حياتهم.
وفي إطار جلستها الحوارية الملهمة خلال هذا اليوم من المهرجان، أشارت نادين لبكي، المخرجة والممثلة اللبنانية المرشّحة لجائزة الأوسكار، إلى أهمية المساحة التي يمنحها التمثيل للممثّل لتمكينه من استكشاف مختلف الشخصيات التي يرغب بتجسيدها بحرية مطلقة وتقديمها للمشاهد بشفافية تامّة. وقالت: "الإنسان هو مصدر إلهامي الرئيسي واستكشاف أدقّ تفاصيل السلوك البشري هو جوهر كلّ فيلم أصنعه. وانطلاقًا من الدور المحوري الذي تلعبه السينما في تغيير واقع الإنسان، أؤمن بأنّ هذه المهنة هي مهنة نبيلة لا تحقّق الهدف المنشود منها إلا عندما تنجح في الوصول إلى أعماق الإنسان ولمس مشاعره وقيمه الراسخة، بطرق تعكس واقعية المشاهد المصوّرة وشفافية الممثلين. فقوّة الفنّ تكمن في قدرته على إحداث فرق مهما كان بسيطًا في حياة الأفراد وتغيير واقع المجتمعات حول العالم."