في قمة BRIDGE.. إدريس إلبا: "لدينا الذكاء الحقيقي.. وعلينا استخدامه لبناء مستقبل إبداعي أقوى من الذكاء الاصطناعي"
شارك النجم العالمي إدريس إلبا، خلال فعاليات قمة BRIDGE 2025 في يومها الأول، وذلك في جلسة حوارية عن صناعة المحتوى العالمي، وذلك خلال جلسته التي جاءت بعنوان "دمقرطة دور صانع المحتوى في عالم المحتوى العالمي".
ويعتبر إلبا أحد أبرز النجوم العالميين الذين أدوا، أدوارًا متعددة على الشاشة من بينها دور الرئيس والمحقق وتاجر المخدرات وحتى دور البطل الخارق، لكنه يظل يرى نفسه جسراً يربط بين العوالم والثقافات المختلفة.
وتحدث أدريس إلبا خلال فعاليات قمة BRIDGE 2025، والتي أدارها الدكتور جولي جيشورو، رئيسة ومديرة معهد القيادة والحوار الإفريقي، عن عالم الإعلام وصناع المحتوى وتأثيرهم على الجمهور.

وقال إلبا في مستهل حديثه، أنه ولد إلبا في لندن لوالدين من غانا وسيراليون، وشهد كيف تؤثر القصص على طريقة رؤية الناس لبعضهم البعض، ومع التطور السريع في صناعة الترفيه، أكد إلبا أنه يركز على مهمة رئيسية الأ وهي تغيير الطريقة التي يُنظر بها إلى إفريقيا وإبداعاتها على مستوى العالم.
وأوضح إلبا أمام صُناع السياسات والمبدعين والتنفيذيين، قائلا: “لطالما رأيت نفسي جسراً… جسرًا بين جذوري، والقصص التي أرويها، والجمهور الذي يتلقاها. السرد هو ترفيه، نعم، لكنه أيضًا تعليم ورؤية واتصال”.
منح المبدعين فرصة حقيقية
وكشف إلبا، عن أفضل ما قدمه العصر الرقمي هو القدرة على أن يحكي أي شخص قصته، إذ أنه أصبح الطفل في القرية لديه القدرة اليوم نشر محتوى يصل إلى ملايين غدًا، مشيرًا إلى أن المشكلة تكمن في أن العديد من المبدعين الأفارقة الذين ينتشر محتواهم عالميًا لا يحصلون على عائداتهم، كما أن القيود البنكية والحواجز الرقمية تحرمهم من الاستفادة من نجاحهم.
وأوضح خلال لقائه، إلى أن البُنى الأساسية للاقتصاد الإبداعي والتمويل والتوزيع والملكية لا تزال متأخرة في مناطق واسعة من القارة، لهذا أسس إلبا منصة Akunna، المأخوذة من اسمه الأوسط، وتابع حديثه مازحًا: “ولدت يوم الأربعاء، وكان يومًا محظوظًا دائمًا بالنسبة لي”.

وأوضح إلبا، أن منصة Akunna أُطلقت بهدف معالجة المشكلات الواقعية التي تواجه صانعي المحتوى، وأبرزها الحصول على مستحقاتهم المالية بسهولة وأمان، خصوصًا عند فشل الأنظمة البنكية التقليدية في تلبية احتياجاتهم.
وتتمثل الميزة الأساسية للمنصة في محفظة Akunna، التي تمكّن المبدعين من تلقي أرباحهم مباشرة دون أي عوائق مصرفية، إذ أوضح إلبا: “هي لا تجعل قصتك أفضل، لكنها تُتيح لك أن تجني قيمة حقيقية من عملك. هذه هي الديمقراطية الحقيقية في صناعة المحتوى”.
سلاح إفريقيا السري: القفز فوق المراحل
يرى إلبا أن إفريقيا تمتلك ميزة لا توجد في أسواق المحتوى التقليدية الأ وهو قدرتها على تجاوز الأنظمة القديمة وبناء نماذج جديدة تمامًا، ويضرب مثالًا بنجاح الأفروبيتس، الذي بدأ من استوديوهات صغيرة بإمكانات محدودة ليُسيطر اليوم على قوائم الموسيقى العالمية.
وأضاف خلال حديثه، قائلا: “الغريزة + الوصول = قوة لا يمكن إيقافها”، مضيفًا أن الطاقة الإبداعية موجودة في كل مكان، وهم عبارة عن:
- شباب يطلقون شركات ناشئة من أجهزة الكمبيوتر المحمولة
- رسّامو أنيميشن يصنعون عوالم جديدة
- مخرجون يعيدون كتابة السرديات الغربية التقليدية عن إفريقيا
وتابع: “هناك قصص كثيرة لم تُلمس بعد. تخيلوا كيف سيكون شكل الألعاب الأفريقية… أو الفانتازيا الأفريقية”، مشيرًا إلى أن غياب البنية التحتية ليس ضعفًا بل مساحة فارغة للابتكار.

إدريس إلبا: التحدي الحقيقي في عالم الإعلام ليس الانتباه بل كسب الثقة
أوضح النجم العالمي إدريس إلبا أن أكبر تحدٍ في عصرنا الرقمي ليس جذب الانتباه، بل كسب ثقة الجمهور في عالم غارق بالمعلومات، قائلا: “نعيش لحظة تسارع وانقسام. الناس لم تعد تعرف ماذا تصدق. التواصل هو كل شيء”.
وأشار إلى أن المعلومات المضللة والتزييف العميق جعلت التحدي لا يقتصر على من يتحدث فقط، بل على قدرة الجمهور على التمييز بين الحقيقة والضجيج.
وأكد أن السياسات الجيدة تعد عنصرًا أساسيًا لبناء اقتصاد إبداعي صحي، مستشهداً بتجربة كوريا الجنوبية: نجاحها العالمي لم يكن صدفة بل نتيجة تخطيط استراتيجي دقيق.
وفي انتقاد للوضع في إفريقيا، لفت إلبا إلى أن بعض الدول لا تمتلك حتى سياسات واضحة لصناعة السينما، متسائلاً: “كيف لشاب أن يروي قصته إذا كان النظام المحيط به لا يقدّر قيمتها؟”.

إدريس إلبا: الذكاء البشري يتفوق على الذكاء الاصطناعي وضرورة إعادة كتابة السرد الإفريقي
أكد النجم العالمي إدريس إلبا أن المخاوف من أن يسرق الذكاء الاصطناعي أعمال المبدعين ليست مبررة بالكامل، مشيرًا إلى أن البشر يمتلكون ذكاء حقيقي أقوى بكثير من الذكاء الاصطناعي.
وأوضح إلبا أن الذكاء الاصطناعي قد يساهم في نشر معلومات مضللة وتشويه السرديات، خاصة عن إفريقيا التي عانت لفترات طويلة من الصور النمطية، لكنه شدد على أن الحل لا يكمن في الخوف، قائلا: “هو مجرد أداة. المطبعة كانت أداة. الكاميرا كانت أداة. يجب أن نُعلّم الناس ما هو الذكاء الاصطناعي… وما ليس كذلك”.
وأضاف أن الوظائف ستتغير، لكن جوهر الإبداع — الغريزة، التجربة الإنسانية، العاطفة — يظل أمورًا لا يمكن استنساخها، مؤكداً على ضرورة وضع أطر تنظيمية تحمي المبدعين وتضمن أصالة القصص.
وفي قلب رؤيته، شدد إلبا على أهمية إعادة كتابة السرد الإفريقي، قائلاً: “العالم ظل يرى إفريقيا عبر روايات مشوهة… وحان الوقت لتغيير ذلك. إفريقيا في قلب العالم وقدّمت الكثير، لكن قصصها بقيت منفصلة عن السرديات العالمية. إذا أتقنا التواصل واتخذنا القرارات الصحيحة الآن، يمكننا إعادة بناء صورة إفريقيا”.
ويطمح إلبا إلى مستقبل تكون فيه القصص الإفريقية حاضرة على كل شاشة، ويحصل فيه المبدعون على حقوقهم كاملة، وتدعم السياسات نمو الصناعات الإبداعية لمنافسة كبرى الصناعات العالمية، مضيفًا: “نقبل القصص الأمريكية لأنها مصقولة. لكن عندما يروي أحد من قرية إفريقية قصته… هل نمنحها القيمة ذاتها؟ تلك هي النقلة التي نحتاج إليها”.
جسر نحو المستقبل
واختتم إلبا رسالته بدعوة واضحة ليست فقط للمبدعين، بل للحكومات والمؤسسات والجمهور، قائلا: “الدفاع جيد والحوار جيد، لكن يجب أن يتحول إلى عمل، لدي أمل إذا بنينا الجسور الصحيحة سنرى المزيد من الفهم، والمزيد من الترابط، وعالمًا تقف فيه إفريقيا قوية في السرد الإبداعي العالمي”.



