ترند ريل
رئيس مجلس الإدارة
نور العاشق

إطلاق القمر الاصطناعي العربي '813' يحدث نقلة نوعية في العمل الفضائي المشترك

ترند ريل

شهد العالم العربي إطلاق القمر الاصطناعي "813" ليشكل هذا الإنجاز نقلة نوعية في مسيرة العمل الفضائي العربي المشترك ويعكس رؤية استراتيجية تقودها دولة الإمارات لتوحيد جهود الدول العربية في مجال استكشاف الفضاء وتطوير تقنياته يأتي هذا المشروع كجزء من التزام الإمارات بتعزيز التعاون العربي في قطاع الفضاء بهدف تحقيق التنمية المستدامة ودعم صناع القرار بالمنطقة عبر توفير بيانات دقيقة تساهم في مراقبة الأرض والمتغيرات البيئية والمناخية.


يمثل القمر "813" أول قمر اصطناعي يتم تطويره بالتعاون بين الدول الأعضاء في "المجموعة العربية للتعاون الفضائي" التي تم الإعلان عن تأسيسها في الإمارات عام 2019 وتهدف هذه المجموعة إلى إنشاء إطار عربي موحد يعزز التنسيق بين الدول الأعضاء في مجالات الفضاء ويوفر منصة لتبادل الخبرات وبناء القدرات الوطنية شاركت فرق من المهندسين والعلماء العرب في جميع مراحل المشروع بدء من التصميم والتجميع وحتى الاختبارات النهائية ضمن بيئة عمل مشتركة تحتضنها دولة الإمارات.


تم تطوير القمر في المركز الوطني لعلوم وتكنولوجيا الفضاء في جامعة الإمارات العربية المتحدة الذي لعب دور محوري في تصميم الأنظمة الفضائية الخاصة بالقمر وتجميع حمولاته واختبارها كما ساهم المركز في تدريب الكفاءات العربية المشاركة في المشروع مما عزز من خبراتهم التقنية وأكسبهم مهارات جديدة في مجالات الهندسة وعلوم الفضاء.


اعتمد القمر "813" على مجموعة من التقنيات المتطورة في مجال الاستشعار عن بعد ما يجعله أداة فعالة لتوفير بيانات عالية الدقة تخدم العديد من القطاعات مثل الزراعة، البيئة، التخطيط العمراني، وإدارة الموارد الطبيعية. ويتميز القمر بثلاث حمولات رئيسية تعمل بشكل متكامل:


يعمل النظام عبر نطاق الطيف المرئي والأشعة تحت الحمراء قصيرة الموجة (400-1700 نانومتر) ويستطيع التقاط أكثر من 200 نطاق طيفي مميز تتيح هذه القدرات تحليل الخصائص الدقيقة للعناصر السطحية المختلفة بما في ذلك الغطاء النباتي، نوعية التربة، وجودة المياه، والملوثات البيئية. يُعدّ هذا النظام أداة أساسية لدعم الزراعة المستدامة وإدارة الموارد الطبيعية ورصد التغيرات البيئية.
 

نظام التصوير البانكروماتي (Panchromatic – PAN):
يلتقط هذا النظام صورًا بالأبيض والأسود بدقة مكانية عالية ما يساهم في إنتاج خرائط تفصيلية وتحليل التوسع العمراني ورصد البنية التحتية على سطح الأرض يعمل النظام بالتكامل مع نظام التصوير الطيفي الفائق لتوفير صور تجمع بين الدقة المكانية العالية والغنى الطيفي.
 

مقياس الاستقطاب الجوي (Atmospheric Polarimeter – AP):
يقيس هذا المقياس استقطاب الضوء عبر 12 نطاق طيفي بهدف تصحيح تأثيرات الغلاف الجوي على الصور الملتقطة وتحسين جودتها كما يوفر معلومات قيمة حول مكونات الغلاف الجوي والظروف المناخية مما يسهم في تعزيز دقة البيانات ودعم الأبحاث المتعلقة بالمناخ وجودة الهواء.

من خلال هذه المنظومة المتكاملة من الحمولات يقدم القمر "813" بيانات تُستخدم في متابعة التغيرات البيئية ورصد ظواهر مثل التصحر، تدهور الأراضي، وتغير الغطاء النباتي كما يساعد في مراقبة البيئات الساحلية والبحرية ودعم خطط إدارة الموارد المائية وعلى صعيد التخطيط العمراني يتيح القمر إمكانات واسعة لمراقبة النمو الحضري وإعداد خطط تنموية قائمة على معلومات دقيقة وحديثة.

 

يساهم القمر في إنشاء قاعدة بيانات عربية موحدة لصور وقياسات رصد الأرض مما يعزز استقلالية الدول العربية في الحصول على بيانات فضائية عالية الجودة دون الاعتماد الكامل على المصادر الخارجية توفر هذه البيانات فرص للجامعات ومراكز الأبحاث والمؤسسات المتخصصة في المنطقة لتطوير نماذج وتحليلات متقدمة تتناسب مع احتياجاتها الوطنية.


يأتي إطلاق القمر "813" كجزء من التزام الإمارات بدعم الكفاءات العربية الشابة في مجالات الهندسة وعلوم الفضاء وفر المشروع فرصًا تدريبية عملية للمهندسين العرب حيث تمكنوا من المشاركة في جميع مراحل تصميم القمر وتجميعه واختباره وتشغيله يعزز هذا التعاون من رصيد الخبرات الفنية في الدول المشاركة ويفتح المجال أمام المزيد من المشاريع المشتركة في المستقبل.

 

يمثل إطلاق القمر "813" إضافة نوعية لإنجازات دولة الإمارات والعالم العربي في مجال الفضاء كما يعكس حرص الدول العربية على العمل ضمن منظومة واحدة لمواجهة التحديات البيئية والتنموية والاستفادة من التقنيات المتقدمة لتحليل التغيرات التي يشهدها كوكب الأرض وتقديم حلول مبتكرة قائمة على المعرفة.

مع دخول القمر مرحلة التشغيل واستقبال البيانات في مركز التحكم بالمهمات في المركز الوطني لعلوم وتكنولوجيا الفضاء بجامعة الإمارات يتوقع أن يساهم في دعم الجهود الرامية إلى مراقبة المؤشرات البيئية في المنطقة وتزويد صناع القرار بمعلومات دقيقة تساعدهم في وضع سياسات فعالة للتعامل مع التغير المناخي وحماية الموارد الطبيعية وبذلك ترسخ الإمارات مكانتها كمركز للتعاون العربي في الفضاء وشريك فاعل في الجهود الدولية لصون كوكب الأرض.

تم نسخ الرابط