بعد 11 عاما من الغياب.. جدال كبير حول عودة الشاب مامي للغناء

بعد سنوات ليست بقليلة حقق فيها مطرب الراي الجزائري الشاب مامي نجومية على مستوى عالمي، تعثر بسبب حكم قضائي أدخله السجن لينهي معه تاريخه ويحول بين أخباره وبين الإعلام لسنوات، ولكن مع قضاء مدته والإفراج عنه، حاول مامي العودة من جديد إلى نشاطه الفني، وبالفعل تعاقد على حفل في تونس، ليفاجأ باعتراضات بالجملة على منحه الفرصة من جديد.
إدارة مهرجان الحمامات الدولي في تونس كانت قد أعلنت عن عودة نجم موسيقى الراي إلى خشبة المسرح بعد غياب طويل، من خلال حفل مرتقب يوم 8 أغسطس، ضمن فعاليات الدورة الحالية من المهرجان، في خطوة أثارت جدلاً واسعاً وردود فعل متباينة، خصوصاً من منظمات حقوقية نسوية.
ويأتي هذا الحفل بعد سنوات من التوقّف عن النشاط الفني على خلفية إدانة مامي في قضية عنف جنسي من قبل القضاء الفرنسي عام 2009، حيث حُكم عليه بالسجن خمس سنوات بتهم تتعلّق باحتجاز قسري وعنف جسدي ومحاولة إجهاض قسري دون رضا الضحية. وقد أُفرج عنه بشروط عام 2011 بعد قضائه نصف مدة العقوبة.
مدير مهرجان الحمامات نجيب الكسراوي دافع عن قراره باختيار مامي وقال : “الإقصاء الأبدي والإعدام الاجتماعي للفنان الجزائري غير مبرر، والجدل القائم بسبب هذه القضية لا معنى له اليوم”، مشيراً إلى أن المهرجان يركّز على القيمة الفنية للعمل وجودته، وأن القانون الذي عاقب مامي هو نفسه من أتاح له العودة.
في المقابل، عبّرت حركة “أنا زادة” (أنا أيضاً) عن رفضها الشديد لهذه المشاركة، معتبرة أنها تمثّل تطبيعاً مع العنف ضد النساء، وجاء في بيانها: “مهرجان الحمامات يساهم في ثقافة الاغتصاب”، داعية إلى مقاطعة الحفل والمؤسسات الراعية له.
وتعدّ هذه المشاركة هي الأولى للشاب مامي في تونس منذ عام 2014، حين أحيا عروضاً في كلّ من مهرجاني قرطاج والحمامات الدوليين.
تعثر في 2014
هذا التعثر الذي يقابل الشاب مامي اليوم، كان قد قابله وقت حفلاته الأخيرة أو وقت محاولته الأخيرة للعودة للفن، ففي عام 2014 وبعد الإفراج المشروط عنه بثلاث سنوات، كان قد عانى من تخلي منظمين الحفلات عنه بعد أن بدأوا يشتكون من عزوف الجمهور عن حضور حفلاته، وكان آخر ظهور له على المسرح على هامش مشاركته في الطبعة العاشرة لمهرجان”جميلة” العربي، مخيّبا لأمال جمهوره، خصوصا بعد إعلانه تأجيل طرح ألبومه الجديد إلى وقت غير مسمى، وعانى بعدها مامي من إلغاء حفلاته التي كان آخرها ضمن فعاليات مهرجان”الجم” الدولي للموسيقى السيمفونية، حيث أن هيئة المهرجان قررت إلغاء الحفل نظرا لضعف الإقبال على شراء التذاكر، وبعدها صرح مدير مهرجان”المنستير” الدولي في تونس، أن حفلة مامي كلفت المهرجان خسارة بحوالي خمسين ألف دينار تونسي.
دعوة أم
وكان محمد خليفاتي الشهير باسم “مامي” قد حصل على الإفراج المشروط في نصف مدة عقوبته في سجن مولان الفرنسي بعد الضغوطات التي مارستها والدته على وجه التحديد حينما قدمت التماساً إلى محكمة باريس عقب طلب العفو الذي تقدم به أمير الراي والذي استفاد من عفو جزئي في جلسة المحاكمة الأولى بعد الرسالة التي بعث بها من وراء القضبان إلى الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، يناشده فيها إطلاق سراحه لأسباب عائلية حسب ما تمليه قوانين الجمهورية الفرنسية.
والدة محمد، الحاجة الزانة التي كان عمرها وقت الإفراج عنه حوالي 84 سنة، كانت قد تدهورت وضعيتها الصحية، نتيجة مرضها منذ سنوات بعد مغادرة مامي وحبسه في 29 يونيو 2009 ليتركها في وضعية سيئة مع مرضها المزمن، وظلت وقتها الأم تناشد الإعلام الجزائري والفرنسي وتطلب العفو من القضاء الفرنسي وسط دعوات لا تنقطع من أجل إطلاق سراح ابنها الذي كانت تذرف من أجله كل يوم دموع الحزن والفراق، وبسبب مناشداتها حصل مامي على فرصة عمره وتم الإفراج عنه بالفعل في نصف مدته، رحمة بحالة والدته.