الثمانينيات تلهم المصممين في مجموعات ربيع وصيف 2026

عاد سحر الثمانينيات ليهيمن على مشهد الموضة العالمي خلال أسبوع باريس لربيع 2026، حيث تحوّلت المنصات إلى لوحة نابضة بالحياة تعيد إحياء زمنٍ جمع بين الجرأة والبذخ والأناقة المبالغ فيها. هذا الموسم، احتفت دور الأزياء الكبرى بالأكتاف البارزة، والقصّات المنتفخة، والألوان الصاخبة التي تعكس طاقة لا تخبو.
في دار فيرساتشي، التي تخوض مرحلة جديدة تحت القيادة الإبداعية للمصمم داريو فيتالي، حملت المجموعة توقيعًا واضحًا من حقبة الثمانينيات. فقد أعادت الدار إحياء الجينز عالي الخصر والمخروطي الشكل، لكن بألوان مفعمة بالحياة مثل البنفسجي والمخطط الوردي، لتمنح الإطلالة طابعًا مرحًا ومتحررًا. أما البدلات الواسعة، فجاءت بألوان متداخلة تحاكي روح المسلسل الشهير Miami Vice، في مزيج من الأحمر والأزرق واللافندر، يختصر جوهر تلك المرحلة المفعمة بالثقة والبذخ.
وفي المقابل، تبنّى أنطوني فاكاريلو لدى سان لوران مبدأ “اذهب إلى أقصى الحدود أو لا تذهب أبدًا”. فبرزت البلوزات الضخمة ذات الربطات الأنيقة، والمعاطف الجلدية المبالغ فيها، والقصّات التي جمعت بين الفخامة والتمرّد. كانت المجموعة تحيةً لأيقونات الروك في تلك الحقبة، واحتفاءً بالمرأة القوية التي لا تخشى لفت الأنظار.
أما فالنتينو فواصل تقديم البلوزات المنتفخة والقصّات الغنية بالألوان والتفاصيل، في حين أعادت كلويه بقيادة شيمينا كمالي صيحة الزهور الرومانسية بأسلوب أكثر خفة وعصرية. ظهرت الفساتين المنسدلة والسراويل الضيقة بالألوان الربيعية الناعمة مثل الأخضر النعناعي والبني، لتعيد صياغة ملامح الأنوثة بتوازن جميل بين الكلاسيكية والحداثة.
وختامًا، ومع عودة هذه العناصر القوية إلى الواجهة، يمكن القول إن الموضة اليوم لا تكتفي بإعادة تدوير الماضي، بل تعيد تفسيره بما يتناسب مع روح الحاضر. فصيحات الثمانينيات، التي ارتبطت بالجرأة والمبالغة، تعود اليوم بروح أكثر نضجًا واتزانًا. لم تعد الكتف العريض مجرد رمز للقوة، بل أصبح وسيلة للتعبير عن الثقة والاستقلال. أما الألوان الصارخة، فقد وجدت مكانها بين التنسيق المدروس والذوق المعاصر، لتثبت أن الحيوية يمكن أن تلتقي بالأناقة في آنٍ واحد. هذه العودة لا تعبّر عن حنينٍ إلى زمنٍ مضى بقدر ما تعبّر عن رغبة في استحضار الطاقة التي ميّزت ذلك العقد، عندما كانت الموضة وسيلة للتعبير الفردي والتحرّر من القوالب. فدور الأزياء اليوم لا تكرر الماضي، بل تستوحي منه لتبتكر هوية جديدة أكثر تنوّعًا وشمولًا، تمزج بين الكلاسيكية والحداثة. ومع هذا التوازن بين القديم والجديد، يبدو أنّ موضة الثمانينيات لن تكون مجرّد نزعة عابرة، بل اتجاهاً طويل الأمد سيواصل التأثير في المواسم القادمة، مؤكدة أن التاريخ لا يُعاد، بل يُكتب من جديد على منصّات العرض.


