من “الكورسيه” إلى الفساتين الشفافة: النساء يُعدن تعريف مفاهيم الجرأة في عالم الموضة

في زمن تتأرجح فيه الموضة بين المبالغة في التغطية وجرأة الكشف، وبين العودة إلى الرموز التاريخية أو استحضار نزعات الإغراء، تبدو علاقة المرأة بملابسها أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى. فمن عروض الأزياء إلى السجادات الحمراء في المهرجانات العالمية، أصبحت الأجساد والملابس مسرحًا للنقاش والجدل الاجتماعي حول معنى الحرية والتعبير والهوية.
وخلال مهرجان البندقية السينمائي الأخير، أثارت الممثلة ألْبا روهفاخر الجدل بفستانها المصمم على طراز القرن التاسع عشر من دار ديور بإشراف المصمم جوناثان أندرسون، إذ تميز بتصميم الـ“Bustle” الذي يضخم الأجناب لإبراز منحنيات الجسد الأنثوي. وبين من رأى في الإطلالة تحيةً للأناقة الكلاسيكية ومن اعتبرها استحضارًا لنمط “تشييء” الجسد الأنثوي، انقسم الرأي العام بشدة لتتجدد التساؤلات حول الحدود بين الفن والفتنة.
وفي المقابل، تواصل بعض النجمات كـ بيانكا تشنسوري ومارغوت روبي وداكوتا جونسون تصدّر العناوين بإطلالات شفافة تثير الجدل وتكسر القواعد. و يقول خبراء الموضة في كلية لندن للموضة إنّ هذه الظاهرة ليست عفوية بل جزء من “استراتيجية تغذية المحتوى” في عصر الصور السريعة، حيث أصبح الجسد جزءًا من الخبر الإعلامي بحد ذاته. ويضيفون : “في زمن تقوده المنصات البصرية، كل ما يُعرض يُقصد به جذب النقرات”.
ومع ذلك، يبقى تأثير هذه الموضات ممتدًا إلى الحياة اليومية للنساء العاديات، حيث يُعاد تفسير الكورسيه مثلًا الذي كان يومًا رمزًا للقيود كقطعة تمنح شعورًا بالقوة والتحكم في الصورة الذاتية. وقد كان لمصممة الأزياء نيغات أحمد، مؤسسة علامة House of THL، تصريح إعلامي حيث قالت “الكورسيه اليوم لم يعد وسيلة تقييد، بل رمز لاختيارٍ حرٍّ يعكس هوية كل امرأة بطريقتها”.
وفي ختام الجدل، يمكن القول أن قوة المرأة الحقيقية لا تكمن في مقدار ما تكشفه أو تخفيه، بل في نيتها وراء ذلك. فالملبس لم يعد مجرّد غطاء، بل وسيلة للتعبير وإعادة تعريف الأنوثة. وبين من يدافع عن “الحرية البصرية” ومن يخشى الانزلاق نحو “التشييء”، تبقى الموضة مرآة لزمنٍ تتقاطع فيه الجرأة مع الوعي، والتعبير مع الجدل لتثبت النساء مجددًا أن الأناقة ليست في القماش، بل في الفكرة.





