خاص.. أطباء يكشفون تأثير التحدث مع ChatGPT على الصحة النفسية

مع التطور السريع في تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبح من الشائع اللجوء إلى أدوات مثل ChatGPT للتحدث والتعبير عن المشاعر، سواء بدافع الفضفضة أو البحث عن دعم نفسي سريع. ورغم ما يوفره من سهولة وخصوصية، إلا أنه قد يؤثر بشكل سلبي على الصحة النفسية.
في السطور التالية، يقدم "ترند ريل" بالاستعانة مع أطباء الصحة النفسية الجوانب الإيجابية والسلبية لهذا التفاعل، ولماذا لا يمكن أن يُغني الذكاء الاصطناعي عن الدور الإنساني للطبيب النفسي.
الدكتور محمد الشامي يكشف لـ"ترند ريل" إيجابيات وسلبيات ChatGPT
لماذا نحتاج إلى التحدث مع ChatGPT؟
أكد الدكتور محمد الشامي، استشاري الطب النفسي، لـ"ترند ريل"، أن التفاعل مع الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT يحمل عددًا من الفوائد النفسية الإيجابية، التي يمكن أن تُساهم في تحسين الصحة النفسية، ومن أبرز هذه الفوائد:
1- سهولة التعبير عن النفس:
يُعد ChatGPT وسيلة سريعة ومريحة للتعبير عن المشاعر، والأفكار، والمخاوف التي قد يصعب أحيانًا مشاركتها مع الآخرين، وبذلك، يمكن أن يكون بديلاً يوفر الوقت والجهد، وأحيانًا يُخفف من الحاجة إلى جلسات العلاج النفسي المكلفة.
2- الحيادية وعدم التحيز:
يُمكن للمستخدم التحدث مع ChatGPT دون القلق من الأحكام المسبقة أو الانحياز، إذ إن استجابات الذكاء الاصطناعي تكون عادةً محايدة وغير شخصية، ما يخلق مساحة آمنة للحوار.
3- رفع الوعي النفسي:
من خلال التفاعل مع ChatGPT، يمكن للمستخدمين التعرف على بعض الاضطرابات والمشكلات النفسية التي قد يعانون منها، مما يُعزز من فهمهم لذواتهم ويُسهم في رفع الوعي والثقافة النفسية لديهم.
الجوانب السلبية للتفاعل مع ChatGPT
وعلى الرغم من فوائده، إلا أن الدكتور محمد الشامي، أشار إلى بعض الجوانب السلبية للتفاعل مع ChatGPT والتي تشمل:
1- غياب التفاعل الإنساني الحقيقي:
لا يستطيع الذكاء الاصطناعي محاكاة التعاطف الإنساني الكامل أو الإحساس العاطفي الحقيقي، مما قد يُشعر بعض الأشخاص بنوع من الفراغ أو عدم الاكتمال في التفاعل.
2- لا يمكن أن يحل محل الطبيب النفسي:
يُتيح الحديث مع الطبيب النفسي فرصة للتعبير العميق عن المشاعر والانفعالات، وفي المقابل يستطيع الطبيب التفاعل الإنساني معك، وملاحظة الأعراض التي قد لا تُدركها أنت نفسك. من خلال الحوار المباشر، يستطيع الطبيب طرح أسئلة موجهة تُساعده في فهم حالتك بشكل دقيق، وتشخيص ما إذا كنت تعاني من قلق، أو وسواس، أو اكتئاب، أو غيرها من الاضطرابات النفسية.
أما الذكاء الاصطناعي، فيعتمد بشكل كامل على المعلومات التي تعطيها له، والتي قد تكون غير مكتملة أو مشوشة، خاصة إذا كنت غير مدرك لطبيعة ما تشعر به. لذلك، لا يمكنه التمييز بدقة بين حالات متشابهة ظاهريًا لكنها مختلفة من الناحية الطبية، مثل الفرق بين الوسواس والوسواس القهري، أو القلق والاكتئاب.
ولهذا السبب، لا يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون بديلاً عن الطبيب النفسي، وإنما قد يُستخدم كأداة داعمة في بعض الحالات إذا تم تشخيصك بدقة من قبل الطبيب المتخصص وليس كبديل عن العلاج المتخصص.
3- الاعتماد المفرط:
الاعتياد على استخدام الذكاء الاصطناعي كوسيلة رئيسية للتعبير عن المشاعر قد يؤدي إلى تراجع المهارات الاجتماعية، وبالتالي يقلل من فرص التفاعل مع الآخرين، وقد يؤثر على الثقة بالنفس في بعض التصرفات أو حتى عند التحدث، كما أنه قد يتسبب في الابتعاد عن التواصل الحقيقي مع الآخرين.
4- تأجيل طلب المساعدة:
الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في دعم الصحة النفسية قد يُؤخر بعض الأشخاص عن التوجه للعلاج النفسي الفعلي، مما يُعرضهم لمخاطر تفاقم الحالة خاصة إذا كانوا يعانون من مرض نفسي خطير.
الدكتورة رضوى أسامة تحذر من الاعتماد الكلي على ChatGPT
ومن جانبها اتفقت الدكتورة رضوى أسامة، معالجة نفسية، مع الدكتور محمد الشامي، وأشارت في حديثها مع “ترند ريل” إلى بعض الدراسات الحديثة التي تناولت تأثير استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، مثل ChatGPT، في التفاعل النفسي والعاطفي، مؤكدة أن ذلك يتوقف بشكل كبير على طريقة الاستخدام، إذ تختلف النتائج بحسب ما إذا كان يُستخدم كـ"مساعد وداعم" أم كـ"بديل كامل" للعلاقات الإنسانية.
فاعلية ChatGPT محدودة في العلاج النفسي
وأوضحت أنه على المدى القصير، أظهرت بعض الأبحاث فاعلية الذكاء الاصطناعي في دعم حالات القلق والاكتئاب البسيط، من خلال تسهيل التعبير عن المشاعر واقتراح بعض آليات التعامل. لكن حتى الآن، لا توجد دراسات كافية تثبت تأثيره الإيجابي المستدام مع مرور الوقت، وهو ما يجعل من الصعب اعتباره بديلًا حقيقيًا للعلاج النفسي المتخصص.
يزيد من الانطوائية والشعور بالوحدة
وحذرت الدكتورة رضوى أسامة، من الاعتماد عليه كبديل للعلاقات الواقعية، خاصة بين الأشخاص الانطوائيين أو أولئك الذين يعانون من العزلة، قد يزيد من انغلاقهم الاجتماعي، ويُفاقم شعورهم بالوحدة.
وأضافت، أنه في حالات الاكتئاب، فإن تجنب التفاعل مع الآخرين والاكتفاء بالحوار مع الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى تدهور في الصحة النفسية بسبب غياب الأنشطة والعلاقات الإنسانية الحقيقية.
سمات الشخصية تحدد طرق الاستفادة منه
كما أن سمات الشخصية تلعب دورًا حاسمًا في تحديد مدى تأثير التفاعل مع الذكاء الاصطناعي. فالأشخاص ذوو المرونة النفسية المرتفعة غالبًا ما يستخدمونه بشكل متوازن كأداة دعم، مما ينعكس بشكل إيجابي على تجربتهم.
أما الأفراد الذين يعانون من القلق الاجتماعي أو الوحدة، فقد يميلون إلى الاعتماد الكامل عليه، مما يزيد من عزلتهم ويُفاقم حالتهم النفسية بمرور الوقت.
كيفية الاستخدام الأمثل
أما عن الاستخدام الأمثل له، أكدت أنه من الأفضل الاعتماد عليه كأداة مساعدة تُكمّل جلسات العلاج النفسي، من خلال تقديم مقترحات لتطوير الذات على المستوى الشخصي والمهني، وليس كبديل عن التواصل الإنساني.