خاص .. ستة أسباب وراء أزمة تذاكر مسرحية "الملك لير"

رغم انه عرض كلاسيكي مألوف ومعروف للجميع، ورغم ايضاً انه يعرض على المسرح المصري بنفس تشكيلة نجومه للمرة الثالثة، الا ان عودة مسرحية "الملك لير" إلى خشبة المسرح في القاهرة، تسببت في أزمة واسعة بسبب التهافت على حجز تذاكرها وندرة وصعوبة حجز مقعد في عروضها. في ظل تساؤلات واسعة حول سر الهوس الجماهيري بهذه المسرحية على وجه التحديد.
العرض الذي يقوم ببطولته الفنان الكبير يحيى الفخراني، في تجربة غير مسبوقة في تاريخ المسرح المصري، حيث تُعرض المسرحية للمرة الثالثة على التوالي بالبطل نفسه، ولكن بإخراج مختلف في كل مرة.
يخرجها هذه المرة شادي سرور بعد ان قدمها سابقا مع الفخراني كل من د. أحمد عبدالحليم على المسرح القومي، ثم تامر كرم على خشبة المسرح الخاص.
اول ما قدموا تفسيرات للحالة اتي تحيط بعرض مسرحية الملك لير، كان د. أيمن الشيوي، مدير المسرح القومي وعميد كلية العلوم السينمائية والمسرحية بجامعة بدر، الذي تحدث عن سبب الإقبال غير العادي على العمل قائلا : إعادة تقديم الملك لير يُعد حدثًا استثنائيًا يليق بتاريخ المسرح القومي، ويعكس رمزيته الثقافية. وهذا العرض يمثل فخرًا لكل أعضاء الفرقة والعاملين فيه، خاصة أن المسرحية صُممت لتكون ذات طابع عربي خالص، و حتى الآن وردت عروض من خمس دول عربية لاستضافة العرض خارج مصر. بسبب صبغته الشرقية.

المخرج المسرحي والناقد جمال عبد الناصر، كان له تحليل مختلف للموقف، حيث قال : هناك عوامل كثيرة وراء قدرة هذا العرض على جذب الجمهور اليه، بداية من النجم يحيى الفخراني نفسه وظهوره بعكاز في المؤتمر الصحفي للعرض، هذا المشهد كان اول عنصر من العناصر المهمة في جذب الجمهور وتعاطفه مع بطل العرض، حيث ارادت الناس مشاهدة شغف الفخراني بالمسرح بأنفسهم، وفهم سبب حماسه لعمل شاق مثل المسرح رغم متاعبه الصحية، وإضافة لذلك تأتي شهرة المسرحية القديمة والإعجاب بها ما يجعل جمهور كثير يتوجه لمشاهدتها في العموم، ولا يمكننا إغفال عنصر "النوستالجيا" وحب الجمهور للفخراني،
فهناك شريحة واسعة من الجمهور تربطها علاقة وجدانية بيحيى الفخراني من خلال أعماله في الدراما الرمضانية والتلفزيونية. ورؤية الفخراني على خشبة المسرح الحي تمثل تجربة شخصية ومؤثرة، لا تضاهى بالمشاهدة على الشاشة.

الناقد الفني احمد سعد كان له تحليل مختلف ايضاً لسبب الإقبال على "الملك لير"، فيقول : رغم ان هذا العرض يمكن اعتباره من الكلاسيكيات الموجودة منذ بدء الزمان، ولكن إذا نظرنا للصورة الأكبر فالإجابة تبدأ من عند الجمهور، فالناس مفتقدة المسرح ومشتاقة له من سنوات، والفنان الوحيد الذي كان يقدم مسرح جيد في السنوات الأخيرة كان الفنان محمد صبحي، ولكن بسبب وجود مسرحه خارج القاهرة، فالأمر جعل تواصل الجمهور معه صعب، بينما في المقابل حينما يذكر إسم المسرح القومي نضع تحته ألف خط، خاصة حينما يقدم عرض ببطولة فنان مهم مثل يحيى الفخراني، ويتيح ايضاً للمرة الأولى طريقة سهلة وفعالة لحجز التذاكر اونلاين، فهذه كلها تعتبر ابرز ثلاثة عناصر للجذب.
واضاف : كون المسرح القومي في وسط البلد، هذا ايضاً عنصر إضافي، بخلاف ان إسم المسرح القومي في حد ذاته ليس قليلا، وحينما ينتج هذا المسرح اي عمل، ينظر له بعين الاهتمام، فهو ليس "الكباريه الصيفي" او المسرح الترفيهي الخفيف، بل مسرح يقدم أعمال جادة ولها قيمة فنية، واليوم يقف على خشبته فنان بثقل يحيى الفخراني، صاحب المصداقية والجماهيرية الكبيرة والتي اكتسبها بشكل تراكمي على مدار سنوات يصعب حصرها. هذا العرض تتوفر فيه كل عناصر الجذب الموضوعية وما يحدث معه وحوله من ضجيج هو امر طبيعي ومفهوم.

قصة الملك لير
تدور أحداث مسرحية "الملك لير" حول ملك مسنّ يقرر، بعد تقدمه في العمر، أن يُقسّم ملكه بين بناته الثلاث، بناءً على مدى تعبير كل واحدة منهن عن حبها له. لكن ابنته الصغرى، كورديليا، ترفض أن تجامل أو تنافق، وتصرّ على أن حبها له لا يحتاج إلى كلمات منمّقة، بل هو ببساطة حب ابنة لأبيها. يُغضب هذا الرد الأب الملك، فيقصيها ويحرمها من نصيبها.
في المقابل، تُبالغ الشقيقتان الكبريان، غونريل وريغان، في التصريح بحبهما لأبيهما، مستغلّتين حاجته الدائمة إلى المديح والإعجاب، ما يجعله يمنحهما الملك. وبعد أن تضعا يديهما على السلطة، تنقلبان عليه، وتتآمران مع زوجيهما لطرده، فلا يجد ملاذًا إلا عند ابنته الصغرى كورديليا، التي أحبته بصدق ورفضت التزييف.
لكن المصير لا يكون رحيمًا، إذ تُدان كورديليا وتحكم عليها السلطات بالموت، فيما يُنتزع بوحشية بصر الوزير غلوستر، ويُقهر الملك لير الذي ينتهي به الحال مكسورًا، حزينًا، يلفظ أنفاسه الأخيرة وسط المأساة. ولا ينجو أحد، فحتى بناته ينلن في النهاية نفس العقاب المؤلم.
المسرحية ليست مجرد قصة عائلية، بل مأساة إنسانية خالدة تتشابك فيها كل نوازع النفس البشرية: من الطمع والطموح، إلى الحب والكراهية، ومن الحسد والنفاق، إلى الجحود والخيانة وعقوق الأبناء.