ترند ريل
رئيس مجلس الإدارة
نور العاشق

من تركيا إلى المهرجانات العالمية .. كيف صنع نوري بيلجي مجده السينمائي

نوري بيلجي
نوري بيلجي

 

قبل شهرين تقريبا أعلن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، عن اختيار المخرج التركي الكبير نوري بيلجي جيلان رئيسًا للجنة تحكيم المسابقة الدولية في دورته السادسة والأربعين، ليمنح المهرجان أفلامه فرصة عادلة في التنافس خاصة في ظل وجود اسم مخضرم مثل نوري قائداً لعملية التحكيم في أبرز مسابقات المهرجان.

يُعد جيلان واحدًا من أبرز المخرجين المعاصرين في السينما العالمية، حيث تميزت أعماله بعمقها الإنساني والفلسفي ولغتها البصرية البديعة. 
وصنع المخرج التركي اسمه عبر محطات مهمة ومتتالية، لعل أبرزها كان حيث فاز فيلمه "بعيد" عام 2003 بالجائزة الكبرى في مهرجان كان وجائزة أفضل ممثل، كما حصل على جائزة أفضل مخرج عن فيلم "ثلاثة قرود" عام 2008. 
وفي عام 2011، حصد فيلمه "حدث ذات مرة في الأناضول" الجائزة الكبرى مجددًا، بينما تُوجت مسيرته عام 2014 بفوزه بأرفع الجوائز، السعفة الذهبية، عن فيلمه الملحمي "بيات شتوي". أما فيلمه الأخير "حول الأعشاب الجافة" (2023) فقد نال جائزة أفضل ممثلة في مهرجان كان، مما يؤكد استمرار حضوره القوي في الساحة السينمائية العالمية.
وتُعتبر أفلامه علامات فارقة في السينما العالمية لما تحمله من أسئلة وجودية ورؤى جمالية متفردة.

سينما نوري بيلجي جيلان تمثل معيارًا للفن السينمائي الرفيع. واختياره رئيسًا للجنة التحكيم يعكس التزام المهرجان بتكريم الأصوات السينمائية الجريئة والرؤى الإبداعية، وتعزيز مكانة القاهرة كجسر عالمي يجمع أهم المبدعين.
وأفلام جيلان تنغمس بعمق في أسئلة المكان والزمان والشخصية، وهي القيم التي يقوم عليها البرنامج الفني لهذه الدورة. واليوم حضوره إلى القاهرة سيمثل مصدر إلهام كبير لصانعي الأفلام والجمهور المصري المحب للسينما.

ويُعتبر نوري بيلجي جيلان واحدًا من أهم المخرجين المعاصرين الذين تركوا بصمة بارزة على خريطة السينما المستقلة والعالمية. على مدار ثلاثة عقود، قدّم أعمالًا عميقة تعكس القلق الإنساني وتوظّف الصورة السينمائية ببراعة شاعرية.

محطات موفقة
بعد شجرة الكمثرى البرية (2018) عاد جيلان في 2022 به حول الأعشاب الجافة، إلى مسابقة كان، ولم يفز بالسعفة لكن الفيلم حصد جائزة أفضل ممثلة المرقه ديزذر، في إشارة إلى استمرار قدرته على قيادة أداءات مركبة ضمن دراما أخلاقية رمادية.
تقوم سينما جيلان على جماليات اللقطة الطويلة والثبات البصري، وتوظيف الصمت والفراغ والمعمار الطبيعي التكثيف المعنى على، مع تجنب الموسيقى التصويرية المهيمنة. والاعتماد على الوجوه والمناظر كوثائق نفسية تتكرر ثيمات الاغتراب وحسابات الضمير والفوارق الطبقية، والتوتر بين المدينة والريف.
يستلهم جيلان الكثير من تشيخوف وبيرجمان وانطونيوني لكنه يعيد صور هذه المرجعيات داخل جغرافيا الأناضول، بواقعية حساسة تضيء الإيقاع الداخلي للشخصيات تأثير نقدي وثقافي ممتد. 
افلامه تعرض بانتظام في كبرى المهرجانات وتدخل لوائح الأفضل السنوية، وتدرس بوصفها نماذج لإخراج الممثل وبناء المشهد الطويل، كما أن فوزه بالسعفة، عام 2014 وضع تركيا كلاعبا أساسيا على خريطة السينما العالمية ويمكن قراءة تجربة نوري بيلجه جيلان كجسر بين حساسية المؤلف الأوروبي وروح الأناضول، فأفلامه لا تطلق الأحكام بقدر ما تهيئ للمشاهد فضاء للتأمل، ومن هنا تأتي عالميتها، إذ تحمل التفاصيل التركية مرأة الأسئلة الإنسان أينما كان، ومن اوزاك، إلى سبات شتوي وحول الأعشاب الجافة، يبدو جيلان في كل مرة أكثر دقة في تشريح النفس، وأكثر رغبة في اختبار حدود السينما كلفة للتفكير قبل المتعة.
 

تم نسخ الرابط